حسام نصر رئيس المنتدى
عدد الرسائل : 552 العمر : 32 الدولة : مصر تاريخ التسجيل : 16/01/2008
| موضوع: هل تحب النبي ؟ الإثنين فبراير 25, 2008 2:47 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هــــــل تــــــحب الـــــنبي صلى الله عليه وسلم؟ الحمد لله رب العالمين – له التحيات والصلوات والطيبات – هو خالق جميع المخلوقات والمتكفل بجميع الأرزاق والأقوات – لا تخفى عليه الخفيات ولا يعزب عن علمه شيء من الكائنات دحا الأرض بقدرته وبنى السماوات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، مفرج الكربات وكاشف الظلمات، مفيض الخيرات ومانح البركات ومنزل الرحمات. وأشهد أن محمدًا رسول الله أعظم الرحمات، وأجمل الهديات، دحر الضلالات بآيات ربه البينات، ودعا إلى الصالحات، وجاهد الكفار في صبر وثبات. الله زاد محمدًا تكريمًا - وحباه فضلاً من لدنه عظيمًا - واختصه في المرسلين كريمًا ذو رأفة بالمؤمنين رحيما – صلوا عليه وسلموا تسليما أوصاف البشير النبي الهادي - ما نالها أحد من الأمجاد - فالرسل في هدى وفي إرشاد- قد سلموا لنبينا تعظيما – صلوا عليه وسلموا تسليما صلاة وسلامًا يليقان بمقامه – أمير الأنبياء وخاتم المرسلين وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه واقتفى أثره إلى يوم الدين. أمـــا بعـــــد فتعالوا بنا أحبتي اليوم لننزل بكم في محطة صور ونجلس على مائدة عبر – نستنشق من سيرته r الروائح العطرة والنسمات الطيبة الزكية. فما أحوجنا اليوم ونحن نتلمس طريق النجاة والنور – ما أحوجنا وذكراه تمر بنا أن يكون هو قدوتنا وأسوتنا في كل شيء: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }الأحزاب21. فأين نحن من هذا السراج المنير – أتكريمه صلى الله عليه وسلم يكون بهذه العطل وتلك الخطب والمصابيح التي تعلق – إن الرسول الكريم لا يكرم بهذه الاحتفالات ولا يكرم بالمناسبات ولا بتبادل التهاني والتبريكات (وأولياؤه المسلمون يذبحون يمتهنون وشرعه مهجور وكتابه مقذوف خلف الظهور ومسراه في أيدي الصهاينة أهل الشرور). فهو القدوة الطيبة والمثل الأعلى الذي يجب أن لا تكون سيرته ماضيًا أبدًا – بل يجب أن تكون سيرته الزكية شعله توقد شموس الحياة ودماء تتدفق في عروق المستقبل والأجيال. ولد صلى الله عليه وسلم يتيما وعاش مرارة ولوعة وأس اليتم فكان راضيًا. وكان يربط الحجر على بطنه من شدة الجوع وينام على الحصير حتى يؤثر الحصير في جنبه وتمر ثلاثة أيام يجد شيئًا يأكله فكان راضيًا شاكرًا، {تَبَارَكَ الَّذِي إِن شَاء جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً }الفرقان10. عرضت عليه الدنيا فأعرض زاهدًا – يبغي من الأخرى المكان الأرفعا – ما جر أثواب الحرير وما مشي مرقعا – وهو الذي لو شاء نالت كفه كل الذي فوق البسيطة أجمعا. مات عمه وماتت زوجته وأوذي أشد الأذى وكذب أشد التكذيب ورمي في صدقه فقيل عنه مجنون وشاعر وكذاب وكاهن وساحر. طرد من بلده ومسقط رأسه فيلتفت على مكة وتسيل دموعه ويقول: "إنك من أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت". وقف يوم بدر في صف ووقفت الدنيا أمامه بخيلها ورجلها، بغناها وزهوها. فكان جزاء هذا الرضا وهذا الصبر: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }الضحى5، فرفع الله ذكره وشرح له صدره ووضع عنه وزره وزكاه في عقله فقال: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} وزكاه في بصره فقال: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى} وزكاه في فؤاده فقال: {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} وزكاه في علمه فقال: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى } وزكاه في صدقه فقال: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى } وزكاه كله فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }. قال علي رضي الله عنه لأهل العراق: [إنكم تقولون إن أرجي آية في القرآن {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وإننا أهل البيت نقول إن أرجي آية قوله تعالى: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى }]. قال القرطبي رحمه الله: لما نزلت قال الحبيب المصطفى: "إذًا لا أرضي وواحد من أمتي في النار" {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}التوبة128. أخي الكريم لقد رزق الله تعالى نبيه أناسًا عرفوه واستمعوا إليه وأحبوه واتبعوه {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}الأحزاب23. حوصروا في الشعب وضيق عليهم في الرزق وحوربوا من القرابة وأوذوا من الناس. سحب بعضهم في الرمضاء وآخرون في العراء وعرض صفوة شبابهم للسيوف المصلتة فكانت على رؤوسهم كأغصان الشجرة الوارفة. وقدم صفوة شبابهم للمعركة فكانوا يأتون الموت كأنهم في نزهة أو في ليلة عيد لأنهم أحبوه كل الحب. ابتلي المؤمنون بسبب دعوته وزلزلوا زلزالاً شديدًا وبلغت منهم القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنونا. ومع هذا أحبوه كل الحب يرسل أحدهم برسالة ويعلم الصحابي أنه لن يعود بعدها إلى الدنيا فيؤدي رسالته ويبعث الواحد منهم في مهمة ويعلم أنها النهاية فيذهب راضيًا لأنهم أحبوه كل الحب. فكان جزاؤهم عند الله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}الفتح18. وهذا غاية ما يتمناه المؤمنون وما يطلبه الصادقون وما يحرص عليه المخلصون رضوان الله وكفى. ننتقل الآن أحبتي إلى سؤال آخر وهو: لماذا أحبوه كل هذا الحب؟ هل وعدهم رسول الله بقصر أو حديقة أو دابة أو منصب وإنما كانت وعوده لهم ثوابًا من عند الله وجنة عرضها السماوات والأرض كان يقول لهم: ...من يفعل كذا وله الجنة... ولآخر هو رفيقي في الجنة لأنه علم أن الذي يرضيهم ويفرحهم هو عند الله ورضوان الله: {وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً }الإنسان12. لقد وجد الصحابة لذة العيش معه والأنس في قربه والنجاة في امتثال أمره والأمن في اتباعه والغني في الإقتداء به. لقد رفع عن ظهورهم أصار الجاهلية وأوزار الوثنية وسكب في قلوبهم الرضا عن الله. لقد علمهم كيف يحبون الله وكيف يضحون ويبذلون في سبيل إعلاء كلمة الله. إن من أسعد السعداء ذاك الذي جعل هدفه الأسمى وغايته المنشودة حب الله ورسوله – وما ألطف قوله سبحان { يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ }المائدة54 وليس العجب من قوله يحبونه ولكن العجب من قوله يحبهم فهو الذي خلقهم ورزقهم ثم يحبهم. إن مجنون ليلى قتله حب امرأة وقارون حب مال وفرعون حب منصب وهامان حب وزارة وأبي بن خلف حب تجارة. وقتل حمزة وجعفر وحنظلة حبًا لله ولرسوله. فيا لبعد ما بين الفريقين
| |
|